إعلان على الهواتف
مساحة إعلانية

samedi 15 septembre 2018

النظرية السوسيوبنائية

تبنى المعارف اجتماعيا  من طرف الإنسان ولفائدته.
 فالمرء يبني وبكيفية نشيطة معارفه من خلال سياق قائم على التفاوض وإعطاء المعنى ، كما يرى أصحاب هذه النظرية بأن المتعلم لا يطور كفاياته إلا بمقارنة إنجازاته بإنجازات غيره، أي في إطار التفاعل مع الجماعة أو الأقران.

تعتبر سوسيو بنائية فيكوتسكي من أهم الأسس النظرية التي قامت عليها المقاربة بالكفايات التي اعتمدها المغرب في بناء المناهج والبرامج التعليمية الحالية.



وتصنف النظرية السوسيوبنائية ضمن نظريات التعلم المعرفية التي تعطي الأولوية للعمليات التي تجري داخل الإنسان كالتفكير واتخاذ القرار وحل المشاكل إلى جانب كل من النظرية الجشتلتية والنظرية البنائية ...

التعلم  في هذه النظرية لا تحققه الذات بمفردها ولا يوجد داخلها، بل إن المعارف والمهارات والقدرات والخبرات موجودة في المحيط الخارجي. وعلى الطفل أن يتفاعل مع المحيط في إطار الأنشطة الفصلية.

الفرد المنعزل لا يمكنه الحصول على المعرفة مادامت البنيات المعرفية في الأصل عمليات اجتماعية والتي تتحول إلى عمليات سيكولوجية ذاتية وشخصية من خلال الفعل والمشاركة في نشاط الجماعة.

كما أنها تعتبر فرعا من البنائية (بياجي)، تتفق معها في تأكيدها على أن المتعلم هو صانع المعرفة وباني التعلم، وتختلف معها في كونها تولي أهمية أكبر لدور تفاعل المتعلم مع أقرانه ومعلمه في تسريع عملية النمو المعرفي.

يعني أن للتفاعلات الاجتماعية والأقران والاحتكاك والسياق الاجتماعي أهمية بالغة في الموضوع ... 
وهي بحديثها عن دور المجتمع والراشد في عملية التعلم تكون قد شكلت تجاوزا وتطويرا للنظرية البنائية البياجوية.

يمكن اعتبار التيار السوسيوبنائي تيارا متمما أو شبه معارض لأعمال بياجي حول التعلم والنمو، فقد اتخذ هذا التيار من خلال بعض النظريات صيغة تتميم واستكمال للنظرية التكوينية. 

كما اكتسى مع بعض التصورات الأخرى طابعا شبه معارض لبياجي عن طريق تحويل إشكالية العلاقة بين النمو والتعلم من سياقه المنطقي البياجاوي إلى سياق اجتماعي أرحب وأكثر قربا من الانتظارات المدرسية التربوية.

والأمر يتعلق هنا، بالأعمال التي اكتشفت مؤخرا للباحث البيلاروسي فيجوتسكي.

فالمعارف في المنظور السوسيوبنائي موطنة ومبثوثة في سياق اجتماعي وهو الضامن للتعلم والفهم والربط والمقارنة (...) والكفايات لا تتحدد إلا تبعا للوضعيات (والوضعيات ذات سياق اجتماعي بالضرورة). 

وبناء على ذلك يصبح مفهوم الوضعية مفهوما مركزيا في التعلم: 
ففي الوضعية يبني المتعلم معارف موطنة، وفيها يغيرها أو يدحضها، وفيها ينمي كفايات موطنة. 

يتعلق الأمر هنا بحصيلة فحص حاسمة بالنسبة لنمو التعلمات المدرسية. 
فالوضعيات التي يستطيع التلاميذ داخلها بناء معارفهم حولها، وتنمية كفاياتهم، لها دور حاسم في المنظور البنائي.

نعني بذلك:
لم يعد الأمر، إذن، يتعلق بتعليم مضامين معزولة مبتورة عن أي سياق (مثل مساحة منحرف، جمع الكسور، طرق الحساب الذهني، قاعدة نحوية، تصريف صنف من الأفعال... إلخ)، وإنما أصبح الأمر متعلقا بتحديد وضعيات يستطيع التلاميذ داخلها بناء معارفهم أو تعديلها أو دحضها، وتنمية كفاياتهم حول المضامين المدرسية. 

كما لم يعد المضمون المدرسي غاية في ذاته، بل أصبح وسيلة لخدمة معالجة وضعيات تحتل نفس مرتبة الموارد الأخرى.
المقاربة السوسيوبنائية، تنطلق من ثلاثة أبعاد أساسية:
  • البعد البنائي لسيرورة تملك المعارف وبنائها من قبل الذات العارفة.
  • البعد التفاعلي لهذه السيرورة نفسها، حيث الذات تتفاعل مع موضوع معارفها، والمراد تعلمها.
  • البعد الاجتماعي (السوسيولوجي) للمعارف والتعلمات حيث تتم في السياق المدرسي (وضعيات)، وتتعلق بمعارف مرموزة من قبل جماعة اجتماعية معينة.

وعليه فإن المقاربة السوسيوبنائية هي مقاربة بنائية تفاعلية اجتماعية.

المعارف من منظور سوسيوبنائي موطنة في سياق اجتماعي وفزيائي؛ والكفايات لا تتحدد إلا تبعا لوضعية معينة، ومن ثم فهي كذلك توجد ضمن سياق إجتماعي فزيائي، وعليه يصبح مفهوم الوضعية مركزيا في التعلم؛ ومهمة المدرس هي أساسا خلق وضعيات لتمكين المتعلم من بناء المعارف وتنمية الكفايات.

ونستنتج مما سبق ان الكفايات لا يمكن أن تبنى من منظور سوسيوبنائي إلا داخل وضعيات معينة، وهذه الوضعية هي التي تسوغ صلاحية الكفاية، وتكون معيارا لها؛ وإذا كانت الوضعيات هي مصدر الكفايات ومعيارها، فهي أيضا مصدر المعارف ومعيارها.

إن التعلم عند "فيكوتسكي" يتحقق من خلال لحظتين حاسمتين:

اللحظة الأولى:
وتمثل زمن تدخل الراشد لإطلاق شرارة التعلم الذي يعجز التلميذ عن تدشينه بمفرده، فإذا اختار الراشد الوقت المناسب وكان فعله مناسبا، فإن الطفل يتمكن من الاشتغال منفردا بتوظيف مكتسباته.

اللحظة الثانية:
وتسمى لحظة النمو المتمثلة في تدخل السيرورات الفردية الداخلية في عملية استبطان المقولات الاجتماعية، الثقافية والمهارات والمعارف لتستوعبها داخليا.

يميز "فيكوتسكي" بين مستويين من الذاكرة عند الأطفال:

الذاكرة الطبيعية:
وهي المشترك بين جميع الأطفال والأفراد قبل انخراطهم في النشاط الاجتماعي والثقافي سواء داخل المدرسة أو خارجها، لا تعتمد الوسائط الثقافية ما دامت لم تستضمر بعد مقولات الخارج، ولم تستدخل أية قيم أو معارف.

الذاكرة ذات الوسائط العليا:
أكثر تطورا من الأولى باعتبارها تنخرط ضمن الوظائف العقلية المتقدمة والمعتمدة على المقولات الثقافية المخزنة. 

وتظهر عند الأطفال الذين تتاح لهم فرص التفاعل مع الراشدين المتمرسين، وخلال الأنشطة يكتشفون الوسائل التي تساعدهم على التذكر، فتتحقق الطفرة في النمو، وينتقل الطفل من الذاكرة الطبيعية إلى الذاكرة ذات الوسائط والمدعمة بالعناصر الثقافية المكتسبة.

ومن ثمة فإن القدرة على التذكر تظل محدودة في غياب التفاعل مع ذوي الخبرة والكفاءة المتقدمة والقدرة العالية. وهنا يبرز الدور المركزي للراشد.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية